المكان أحد أحياء القاهرة
الزمان يوم من أيام صيف عام 2052
حفيدة في سن المراهقة (12 سنوات) تجلس مع جدتها (70 سنة) ويدور بينهما هذا الحوار:
--------------------------------------------------------------------------------
الحفيدة: تيته ميرو إزيك..بقى لي زمان ما قعدتش معاكي
الجدة: وهو أنا عارفة أتلم عليكي خالص.. ده أنا قاعدة زهقانة قوي ومش لاقية حاجة تسليني
الحفيدة: ومابتفتحيش الدش ليه يا تيته
الجدة: التليفزيون بقى ممل خالص مافيهوش غير 9700 محطة بس.وأنا كمان ما بعرفش أغير المحطات
الحفيدة: وإيه الحلاوة دي؟ حلو البادي اللي انتي لابساه ده..بس ده موضة قديمة قوي ياتيته
الجدة : يا بنتي أنا ست دقة قديمة وبالبس زي ما جيلنا الصاعد اتعود وحسب التقاليد القديمة بتاعتنا
الحفيدة : أيوه بس مش حاسة إنك مخنوقة وانتي لابساه؟
الجدة: أبداً ده هو ده اللبس المحتشم اللي مفروض الكل يلبسه ويحافظ عليه..فين أيام زمان لما كنا نلبس البادي اللي مبين البطن والظهر بس، مع البنطلون السترتش الجلد …كانت حاجة آخر روشنة
الحفيدة : ياه يا تيته.. ده انتوا كان ليكم تقاليد غريبة خالص
الجدة : وهو انتي فاكرة إن أيامكم دي أيام؟ يا بنتي أيامكم دي ما يعلم بيها إلا ربنا .. فين أيام سنة 2002، هي الواحدة فينا كانت تستجري تشرب سيجارة البانجو ولا تسحب لها سطر بودرة قدام أبوها؟ طب ده الدنيا كانت تتقلب ساعتها وما تتعدلش .. أمال إيه .. كان فيه حاجة اسمها أخلاق
الحفيدة: معقول يا تيته؟ للدرجة الفظيعة دي؟
الجدة: أمال انتي فاكرة إيه .. وبعدين كانت الست من دول ما تلبسش اللبس الخليع بتاع اليومين دول..يعني الجيبة كان ما يقلش طولها عن شبر وربع .. وكانوا الستات يلبسوا فوقيها بلوزة باستمرار ..مش زي دلوقتي حسبي الله ونعم الوكيل
الحفيدة : يا خبر .. وإيه كمان ياتيته
الجدة: ح أقول لك إيه ولا إيه يعني خدي عندك مثلاً .. زمان كنا نسمع الطرب الأصيل لمطربين حقيقيين زي مصطفى قمر وعمرو دياب وطبعاً كانت سيدة الغناء "شاكيرا"، وكانت الأغنية مدتها أكثر من دقيقتين متواصلين من الطرب الأصيل والموسيقى الهادية الراسية اللي تعمر النافوخ بصحيح كانوا مطربين روشين وآخر طحن، حسبي الله ونعم الوكيل
الحفيدة : وبعدين ياتيته
الجدة : وبعدين كنا نسمع على حاجة اسمها اسطوانات ليزر، ودي صحيح انقرضت، بس كان ليها طعم عن دلوقتي، يا سلام لما كنا نحطها في الووكمان ونعلقها في حزام البنطلون كده ونمشي في الشارع كده، كانت أيام جميلة. حسبي الله ونعم الوكيل
الحفيدة : حكاويكى ممتعة قوي يا تيته .. ثانية واحدة بس لما أصحي سمسم صاحبي فى المدرسة لأنه بايت معايا في الأودة من امبارح ..أصل الإنسان الآلي بتاع الصحيان بايظ ولازم نصلحه النهاردة
الجدة: طيب ياحبيبتي روحي
(بعد عدة دقائق)
الحفيدة: هيه يا تيته.. وبعدين
الجدة : أحلى أيام بقى كانت أيام الدراسة، الفصل كان على أيامنا رايق وعدد التلاميذ فيه ما يزيدش عن ستين سبعين تلميذة، وكنا ساعتها بنعرف نفهم الدرس كويس مش زي دلوقتي، وكانت الشوارع أيامها فاضية يعني كانت إشارة المرور تقعد ساعة إلا ربع بس لأن مصر كلها كان تعدادها 70 مليون مش أكثر، تخيلي بقى الروقان اللي كنا فيه؟ حسبي الله ونعم الوكيل
الحفيدة : 70 مليون بس؟
الجدة : أمال إيه .. عشان كده كانت كل حاجة رخيصة ، يعني مثلاً كيلو اللحمة يوم ما يضربه الدم كان يبقى بخمسة وعشرين جنيه أو بتلاتين جنيه، وكان أتخن جوز جزمة بـ 250 جنيه، وكان الواحد يقدر يشتري شقة تمليك بـ 150 ألف جنيه بس..وكان الدولار بخمسة جنيه بس تخيلي بقى؟
الحفيدة : ما هو علشان كده الجواز على أيامكم كان سهل خالص، إحنا بقى خلصنا من العُقد دي
الجدة : أُمال إيه .. ده احنا الواحدة مننا كانت بمجرد ما توصل سن 17 سنة تبتدي تفكر في الجواز العرفى على طول، وما كانش عندنا الأفكار الغريبة اللي بتعملوها دلوقتي، أنا شخصياً شايفة إن ده أوفر شوية، ده احنا يا بنتي على أيامنا كان لا يمكن البنت تتأخر بره البيت عن الساعة أربعة صباحاً، طب ده باباها كان ممكن ساعتها يخاصمها
الحفيدة : ياي ده انتوا كنتوا متزمتين خالص ياتيته
الجدة : يا بنتي إحنا اتربينا على الأخلاق والفضيلة والعادات والتقاليد . يعنى كان أهل الفن محتشمين جداً وكانوا دايماً يطلعوا بالمايوهات البيكيني، والمذيعات كانوا يقعدوا جنب الضيف مش على ركبته زي دلوقتي.. هيـ يـ يـ يـ ـه الله يرحم دي أيام.. فكرتيني بالذي مضى حسبي الله ونعم الوكيل